فصل: فصل في المحلى بأل من هذا الحرف

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


*2* -  فصل في المحلى بأل من هذا الحرف ‏[‏أي حرف الباء‏]‏ـ

3190 - ‏(‏البادئ‏)‏ أخاه المسلم ‏(‏بالسلام‏)‏ إذا لقيه ‏(‏بريء من الصرم‏)‏ بفتح الصاد المهملة وسكون الراء الهجر والقطع فإذا تلاح رجلان مثلاً ثم تلاقيا فحرص أحدهما على البداءة بالسلام دون الآخر فقد خلص من إثم الهجران دونه‏.‏

- ‏(‏حل‏)‏ من حديث محمد بن يحيى بن منده عن عبد الرحمن بن عمر بن رسته عن عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان بن أبي إسحاق عن أبي الأحوص ‏(‏عن ابن مسعود‏)‏ وقال‏:‏ غريب تفرد به عن النووي ابن مهدي‏.‏

3191 - ‏(‏البادئ بالسلام بريء من الكبر‏)‏ بالكسر العظمة وفي رواية لابن منيع البادئ بالسلام أولى باللّه ورسوله والمراد بهذا الحديث وما قبله من يلقى صاحبه وهما سيان في الوصف بأن لا يكون أحدهما راكباً والآخر ماشياً أو ماشياً والآخر قاعداً إلى غير ذلك وإلا فالراكب يبدأ الماشي والماشي القاعد كما في الحديث الآتي فلا تدافع بين الحديثين‏.‏

- ‏(‏هب خط في الجامع عن ابن مسعود‏)‏ وفيه أبو الأحوص قال ابن معين‏:‏ ليس بشيء وأورده الذهبي في الضعفاء‏.‏

3192 - ‏(‏البحر‏)‏ حقيقة الماء الكثير المجتمع في فسحة من الأرض سمي بحراً لعمقه واتساعه ويطلق على الملح والعذب والمراد هنا الملح ‏(‏من جهنم‏)‏ كناية عن أنه ينبغي تجنبه ولا يلقي العاقل بنفسه إلى المهالك ويرتعها مراتع الأخطار إلا لأمر ديني فالقصد بالحديث تهويل شأن البحر وتهويل خطر ركوبه فإن راكبه متعرض للآفات المتراكمة فإن أخطأته ورطة جذبته أخرى بمخالبها فكان الغرق رديف الحرق والغرق حليف الحرق والآفات تسرع إلى راكبه كما يسرع الهلاك من النار لمن لابسها ودنا منها‏.‏

- ‏(‏أبو مسلم‏)‏ إبراهيم بن عبد اللّه بن مسلم بن باعر بن كش الكشي ‏(‏الكجي‏)‏ بفتح الكاف وشدة الجيم نسبة إلى الكج وهو الجص قيل له ذلك لأنه كان يبني داراً في البصرة، وكان يقول هاتوا الكج وأكثر منه فقيل له ذلك وقيل له الكشي نسبة إلى جده الأعلى عاش كثيراً حتى روى عنه القطيعي وغيره ‏(‏في سننه‏)‏ وكذا رواه أحمد كما في الدرر ولعل المؤلف أغفله ذهولاً ‏(‏ك هق‏)‏ من حديث أبي عاصم عن محمد بن حي عن صفوان بن يعلى ‏(‏عن يعلى‏)‏ بفتح التحتية وسكون المهملة وفتح اللام ‏(‏ابن أمية‏)‏ بضم الهمزة وفتح الميم وشد التحتانية التميمي المكي وهو يعلى بن منية بضم الميم وسكون النون وفتح التحتية وهي أمة من مسلمة الفتح شهد حنيناً والطائف وتبوك وكان جواداً خيراً قال الذهبي في المهذب‏:‏ لا أعرف ابن حي‏.‏

3193 - ‏(‏البحر الطهور ماؤه‏)‏ بفتح الطاء المبالغ في الطهارة قاله لما سألوه أتتوضأ بماء البحر‏؟‏ ولم يقل في جوابه نعم مع ‏[‏ص 216‏]‏ حصول الغرض به ليقرن الحكم بعلته وهي الطهورية المتناهية في بابها ودفعاً لتوهم حمل لفظة نعم على الجواز وهذا وقع جواباً لسائل ومن حاله كحاله ممن سافر في البحر ومعه ماء قليل يخشى إن تطهر به عطش فبين أن ذلك وصف لازم له ولم يقل ماء الطهور لأنه في هذا المقام أشد اهتماما بذكر الوصف الذي اتصف به الماء المجوّز للوضوء وهو للطهورية فالتطهر به حلال صحيح كما عليه جمهور السلف والخلف وما نقل عن بعضهم من عدم افجزاء به مؤوّل أو مزيف ‏(‏الحل ميتته‏)‏ أي الحلال كما في رواية سوار سألوا عن ماء البحر فأجابهم عن مائه وطعامه لعلمه بأنه قد يعوزهم الزاد فيه كما يعوزهم الماء فلما جمعتهما الحاجة انتظم الجواب بهما‏.‏ قال ابن عربي‏:‏ وذلك من محاسن الفتوى بأن يأتي بأكثر مما يسأل عنه تتميماً للفائدة وإفادة لعلم آخر غير المسؤول عنه ويتاكد ذلك عند ظهور الحاجة إلى الحكم كما هنا لأن من توقف في طهورية ماء البحر فهو عن العلم بحل ميتته مع تقدم تحريم الميتة أشد توقفاً قال اليعمري‏:‏ هذان الحكمان عامَّان وليسا في مرتبة واحدة إذ لا خلاف في العموم في حل ميتته، لأنه عام مبتدأ إلا في معرض الجواب عن مسؤول عنه والباقي ورد مبتدأ بطريق الاستقلال فلا خلاف في عمومه عند القائلين به ولو قيل في الأول أن السؤال وقع عن الوضوء وكون مائه طهوراً يفيد الوضوء وغيره فهو أعم من المسؤول عنه لكان له وجه ولفظ الميتة مضاف إلى البحر ولا يجوز حمله على مطلق ما يجوز إضافته إليه مما يطلق عليه اسم الميتة وإن كانت الإضافة سائغة فيه بحكم اللغة بل محمول على الميتة من دوابه المنسوبة إليه مما لا يعيش إلا فيه وإن كان على غير صورة السمك ككلب وخنزير‏.‏

- ‏(‏ه عن أبي هريرة‏)‏ وهذا الحديث أصل من أصول الإسلام تلقته الأئمة بالقبول وتداولته فقهاء الأمصار في سائر الأعصار في جميع الأقطار ورواه الأئمة الكبار مالك والشافعي وأحمد والأربعة والدارقطني والبيهقي والحاكم وغيرهم من عدة طرق قيل يا رسول اللّه‏:‏ إننا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء فإن توضأنا به عطشنا أفنتوضأ بماء البحر فقال‏:‏ هو الطهور ماؤه الحل ميتته قال الترمذي‏:‏ حسن صحيح وسألت عنه البخاري فقال‏:‏ صحيح وصححه ابن خزيمة وابن حبان وابن منده وغيرهم وإنما اقتصر المصنف على عزوه لابن ماجه لأنه بلفظ البحر في أوله ليس إلا فيه وعجب من العز بن جماعة رضي اللّه عنه مع سعة نظره كيف ذكر أنه لم يره فيما وقف عليه من كتب الحديث مع كونه في أحد دواوين الإسلام المتداولة‏.‏

3194 - ‏(‏البخيل‏)‏ أي الكامل في البخل كما يفيده تعريف المبتدأ ‏(‏من ذكرت عنده‏)‏ أي ذكر اسمي بمسمع منه وقال في الإتحاف‏:‏ هذا صادق بذكر اسمه وصفته وكنيته وما يتعلق به من المعجزات ‏(‏فلم يصل عليَّ‏)‏ لأنه بخل على نفسه حين حرمها صلاة اللّه عليه عشراً إذ هو صلى واحدة ومنع أن يكتال له الثواب بالمكيال الأوفى فهو كمن أبغض الجود حتى لا يحب أن يجاد عليه شبه تركه الصلاة عليه ببخله بإنفاق المال في وجوه البر ثم اشتق منه إسم الفاعل فجرت الاستعارة في المصدر أصلية وفي اسم الفاعل تبعية أو شبه تاركها على طريق الاستعارة المكنية عن تركه إنفاقه في وجوهه ثم أثبت له البخل تخييلاً حتى كأنه من جنسه تلويحاً بحرمانه من الأجر وإيذاناً بأن من تكاسل عن الطاعة يسمى بخيلاً قال الفاكهاني‏:‏ وهذا أقبح بخل وأشنع شح لم يبق بعده إلا الشح بكلمة الشهادة وهو يقوي القول بوجوب الصلاة عليه كلما ذكره‏.‏

قوله من ذكرت عنده قال المؤلف‏:‏ كذا الرواية وأورده الطيبي بلفظ البخيل الذي ذكرت عنده وقال الموصول الثاني مزيد مقحم بين الموصول وصلته كما في قراءة زيد بن علي ‏{‏الذي خلقكم والذين من قبلكم‏}‏‏.‏

- ‏(‏حم ت‏)‏ وقال‏:‏ حسن غريب ‏(‏ن حب ك‏)‏ في الدعاء من حديث عبد اللّه بن علي بن الحسين عن أبيه ‏(‏عن‏)‏ جده ‏(‏الحسين‏)‏ بن علي قال الحاكم‏:‏ صحيح وأقره الذهبي اهـ وظاهر صنيع المصنف أن ذا لا يوجد مخرجاً في أحد دواوين الإسلام وإلا لما عدل عنه على القانون المعروف وهو ذهول عجاب فقد عزاه هو نفسه في الدرر للترمذي من ‏[‏ص 217‏]‏ حديث الحسين وقال ابن حجر في الفتح‏:‏ أخرجه باللفظ المذكور الترمذي والنسائي وابن حبان والحاكم وإسماعيل القاضي وأطنب في تخريج طرقه وبيان الاختلاف فيه من حديث علي ومن حديث ابنه الحسين ولا يقصر عن درجة الحسن فاقتصار المؤلف على عزوه لابن حبان والحاكم من حديث الحسين وحده قصور وتقصير ومن لطائف إسناده أنه من رواية الأب عن الجد‏.‏

3195 - ‏(‏البذاء‏)‏ بفتح الباء وبالهمزة وبالمد وبقصر الفحش في القول ‏(‏شؤم‏)‏ ضد اليمين وأصله الهمز فخفف واواً ‏(‏وسوء الملكة لؤم‏)‏ أي الإساءة إلى المماليك ونحوهم دناءة وشح نفس وسوء الملكة يدل على سوء الخلق وهو شؤم والشؤم يورث الخذلان ودخول النيران‏.‏

قال الراغب‏:‏ البذاء الكلام القبيح يكون من القوة الشهوية طوراً ومن القوة الغضبية طوراً فمتى كان معه استعانة بالقوة المفكرة كان منه السباب ومتى كان من مجرد الغضب كان صوتاً مجرداً لا يفيد نطقاً كما يرى ممن فار غضبه وهاج هائجه ‏(‏تتمة‏)‏ قالوا‏:‏ علاج من ابتلي بالبذاء أو الفحش والسفه تعويد لسانه القول الجميل ولزوم الصمت أو الذكر فإن الإكثار منه يزيل هذا الداء‏.‏

- ‏(‏طب عن أبي الدرداء‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه عبد اللّه بن غرارة وثقه أبو داود وضعفه ابن معين‏.‏

3196 - ‏(‏البذاذة‏)‏ بفتح الموحدة وذالين معجمتين قال الراوي‏:‏ يعني التقحل بالقاف وحاء مهملة رثاثة الهيئة وترك الترفه وإدامة التزين والتنعم في البدن والملبس إيثاراً للخمول بين الناس ‏(‏من الإيمان‏)‏ أي من أخلاق أهل الإيمان إن قصد به تواضعاً وزهداً وكفاً للنفس عن الفخر والتكبر لا إن قصد إظهار الفقر وصيانة المال وإلا فليس من الإيمان من عرَّض النعمة للكفران وأعرض عن شكر المنعم المنان فالحسن والقبح في أشباه هذا بحسب قصد القائم بها إنما الأعمال بالنيات‏.‏

قال العارف ابن عربي‏:‏ عليك بالبذاذة فإنها من الإيمان وورد اخشوشنوا وهي من صفات الحاج وصفة أهل القيامة فإنهم غبر شعث عراة حفاة وذلك أنفى للكبر وأبعد من العجب والزهو والخيلاء والصلف وهي أمور ذمها الشرع والعرف فلذلك جعلها من الإيمان وألحقها بشعبه فإن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها لا إله إلا اللّه وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ولا شك أن الزهو والعجب والكبر أذى في طريق سعادة المؤمن ولا يماط هذا الأذى إلا بالبذاذة فلذلك جعلها من الإيمان‏.‏

- ‏(‏حم ه‏)‏ في الزهد ‏(‏ك‏)‏ في الإيمان من حديث صالح بن صالح عن عبد اللّه بن أبي أمامة ‏(‏عن أبي أمامة‏)‏ إياس بن ثعلبة الحارثي قال‏:‏ ذكر أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يوماً عنده الدنيا فقال‏:‏ ألا تسمعون ألا تسمعون ثم ذكره قال الحاكم‏:‏ احتج به مسلم بصالح وأقره الذهبي عليه وقال الحافظ العراقي في أماليه‏:‏ حديث حسن وقال الديلمي‏:‏ هو صحيح ورواه عنه أيضاً أبو داود في الترجل وقال ابن حجر في الفتح بعد عزوه حديث صحيح فما أوهمه صنيع المصنف من تفرد ابن ماجه به غير جيد‏.‏

3197 - ‏(‏البر‏)‏ بالكسر أي الفعل المرضي الذي هو في تزكية النفس كالبر في تغذية البدن وقوله البر أي معظمه فالحصر مجازي وضده الفجور والإثم ولذا قابله به وهو بهذا المعنى عبارة عما اقتضاه الشارع وجوباً أو ندباً والإثم ما ينهى عنه وتارة يقابل البر بالعقوق فيكون هو الإحسان والعقوق الإساءة ‏(‏حسن الخلق‏)‏ أي التخلق مع الخلق والخالق والمراد هنا المعروف وهو طلاقة الوجه وكف الإذى وبذل النداء وأن يحب للناس ما يحب لنفسه وهو راجع لتفسير ‏[‏ص 218‏]‏ البعض له بأنه الانصاف في المعاملة والرفق في المجادلة والعدل في الأحكام والإحسان في العسر واليسر الى غير ذلك من الخصال الحميدة ‏(‏والإثم ما حاك‏)‏ بحاء مهملة وكاف ‏(‏في صدرك‏)‏ اختلج في النفس وتردد في القلب ولم يمازج نوره ولم يطمئن إليه ‏(‏وكرهت أن يطّلع عليه الناس‏)‏ أي وجوههم أو أماثلهم الذي يستحيا منهم وحمله على العموم بعيد المراد بالكراهة هنا الدينية الخارمة فخرج العادية كمن يكره أن يرى آكلاً لنحو حياء أو بخل وغير الخارمة كمن يكره أن يركب بين مشاة لنحو تواضع وإنما كان التأثير في النفس علامة للإثم لأنه لا يصدر إلا لشعورها بسوء عاقبته وظاهر الخبر أن مجرد خطور المعصية إثم لوجود الدلالة ولا مخصص وذا من جوامع الكلم لأن البر كلمة جامعة لكل خير والإثم جامع للشر وقال الحرالي‏:‏ الإثم سوء اعتداء في قول أو فعل أو حال ويقال للكذوب أثوم لاعتدائه بالقول على غيره‏.‏

- ‏(‏خد م‏)‏ في الأدب ‏(‏ت‏)‏ في الزهد ‏(‏عن النواس‏)‏ بفتح النون وشد الواو ‏(‏بن سمعان‏)‏ بكسر المهملة وفتحها الكلابي قال‏:‏ سأل رجل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن الإثم والبر فذكره واستدركه الحاكم فوهم وعجب ذهول الذهبي عنه في اختصاره‏.‏

3198 - ‏(‏البر ما سكنت إليه النفس واطمأن إليه القلب‏)‏ قال الراغب‏:‏ قابل الإثم بالبر وهذا القول منه حكم البر والإثم لا تفسيرهما إذ الإثم للأفعال المبطئة عن الثواب ولتضمنه معنى البطء قال الشاعر‏:‏

جمالية تكتفي بالرداف * إذا كذب الآثمات الهجيرا

‏(‏والإثم ما لم تسكن إليه النفس ولم يطمئن له القلب‏)‏ لأنه سبحانه فطر عباده على الميل إلى الحق والسكون إليه وركز في طبعهم حبه ‏(‏وإن أفتاك المفتون‏)‏ أي جعلوا لك رخصة وذلك لأن على قلب المؤمن نوراً يتقد فإذا ورد عليه الحق التقى هو ونور القلب فامتزجا وائتلفا فاطمئن القلب وهش وإذا ورد عليه الباطل نفر نور القلب ولم يمازجه فاضطرب القلب وإنما ذكر طمأنينة النفس مع القلب إيذاناً بأن الكلام في نفوس ماتت منها الشهوات وزالت عنها حجاب الظلمات فالنفس المرتكبة في الكدورات المحفوفة بحجب اللذات تطمئن إلى الإثم والجهل وتسكن إليه ويستغرقها الشر والباطل فأعلم بالجمع بينهما أن الكلام في نفس رضيت وتمرنت حتى تجلت بأنوار اليقين، قال بعض الصوفية‏:‏ وإنما اشتبه على علماء الظاهر الحلال بالحرام أحياناً لأنهم أفسدوا الشاهد الذي في قلوبهم كما أفسدوا عقولهم بحب الدنيا فدنسوها وأفسدوا إيمانهم بالطمع فأسقموه وأفسدوا جوارحهم بالسحت فلطخوها وأفسدوا طريقهم إلى اللّه فسدوها فليس لأهل التخليط من هذه العلامات شيء لأن الحق الأعظم الذي تشعبت منه الحقوق لا يسكن إلا في قلب طاهر وكذا الحكمة واليقين‏.‏

- ‏(‏حم عن أبي ثعلبة‏)‏ بفتح المثلثة ‏(‏الخشني‏)‏ بضم المعجمة وفتح المعجمة الثانية وكسر النون اسمه جرثوم أو جرثوم أو جرهم أو ناشم قال‏:‏ قلت‏:‏ يا رسول اللّه أخبرني بما يحل وبما يحرم فصعد النبي صلى اللّه عليه وسلم وصوب في النظر ثم ذكره قال الهيثمي‏:‏ رجاله ثقات‏.‏

3199 - ‏(‏البر‏)‏ بالكسر ‏(‏لا يبلى‏)‏ أي لا ينقطع ثوابه ولا يضيع بل هو باق عند اللّه تعالى وقيل أراد الإحسان وفعل الخير لا يبلى ثناؤه وذكره في الدنيا والآخرة ‏(‏والذنب لا ينسى‏)‏ أي لا بد أن يجازى عليه ‏{‏لا يضل ربي ولا ينسى‏}‏ ونبه به على شيء دقيق يغلط الناس فيه كثيراً وهو أنهم لا يرون تأثير الذنب فينساه الواحد منهم ويظن أنه لا يغير بعد ذلك وأنه كما قال‏:‏

إذا لم يغير حائط في وقوعه * فليس له بعد الوقوع غبار ‏[‏ص 219‏]‏

قال ابن القيم‏:‏ وسبحان اللّه ما أهلكت هذه البلية من الخلق وكم أزالت من نعمة وكم جلبت من نقمة وما أكثر المفترين بها من العلماء فضلاً عن الجهال ولم يعلم المفتري أن الذنب ينقض ولو بعد حين كما ينقض السم والجرح المندمل على دغل ‏(‏والديان لا يموت‏)‏ فيه جواز إطلاق الديان على اللّه سبحانه وتعالى لو صح الخبر ‏(‏اعمل ما شئت‏)‏ تهديد شديد وفي رواية بدله فكن كما شئت ‏(‏كما تدين تدان‏)‏ أي كما تجازي تجازى يقال دنته بما صنع أي جزيته ذكره الديلمي ومن مواعظ الحكماء‏:‏ عباد اللّه الحذر الحذر فواللّه لقد ستر حتى كأنه غفر ولقد أمهل كأنه أهمل‏.‏

- ‏(‏عب عن أبي قلابة‏)‏ بكسر القاف وخفة اللام ‏(‏مرسلاً‏)‏ ورواه عنه أيضاً كذلك البيهقي في الزهد وفي الأسماء ووصله أحمد فرواه في الزهد له من هذا الوجه بإثبات أبي الدرداء من قوله وهو منقطع مع وقفه ورواه أبو نعيم الديلمي مسنداً عن ابن عمر يرفعه وفيه محمد بن عبد الملك الأنصاري ضعيف وحينئذ فاقتصار المصنف على رواية إرساله قصور أو تقصير‏.‏

3200 - ‏(‏البربري‏)‏ نسبة للبربر قال في الكشف‏:‏ قوم معروفون بين اليمن والحبشة كان أكثر سودان مكة منهم سموا به لبربرة في كلامهم، وفي الفائق أن أبا بلقيس لما غزاهم قال‏:‏ ما أكثر بربرتهم فسموا به ‏(‏لا يجاوز إيمانه تراقيه‏)‏ جمع ترقوة عظم بين شفرة النحر والعاتق وهما ترقوتان من الجانبين قال الديلمي‏:‏ زاد أنس في روايته أتاهم نبي قبلي فذبحوه وطبخوه وحسوا مرقه‏.‏

- ‏(‏طس‏)‏ من حديث ابن أبي ذؤيب عن صالح مولى التوأمة ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ قال الديلمي‏:‏ لم يروه عن ابن أبي ذؤيب إلا عبد المنعم بن بشير قال أعني الديلمي وفي الباب أنس‏.‏

3201 - ‏(‏البركة‏)‏ أي النمو والزيادة في الخير ‏(‏في نواصي الخيل‏)‏ أي تنزل في نواصيها كما جاء هكذا مصرحاً به في رواية الإسماعيلي وكنى بنواصيها عن ذواتها للمبالغة بينهما وذلك لأنها بها يحصل الجهاد الذي فيه إعلاء كلمة اللّه وسعادة الدارين وقد يراد بالبركة هنا ما يكون من نسلها والكسب عليها والمغانم والأجور ثم إنه لا تنافي بين هذا الخبر وبين الخبر الآتي الشؤم في ثلاث‏:‏ في الفرس‏.‏ الحديث لأن الخبر فسر بالغنيمة والثواب ولا منافاة بين الخبر بهذا المعنى والشؤم لجواز أن يحصلا به مع اشتماله على ما يتشاءم به وقيل المتشائم به غير المعد لنحو الغزو‏.‏

- ‏(‏حم ق‏)‏ في الجهاد ‏(‏ت‏)‏ في الخيل ‏(‏عن أنس‏)‏ ورواه عنه ابن منيع والطيالسي وغيرهما وهذا الحديث لم أره في نسخة المصنف التي بخطه‏.‏

3202 - ‏(‏البركة‏)‏ حاصلة ‏(‏في ثلاث‏)‏ من الخصال ‏(‏في جماعة‏)‏ أي صلاة الجماعة أو لزوم جماعة المسلمين ‏(‏والثريد‏)‏ مرقة اللحمة بالخبز ‏(‏والسحور‏)‏ يعني أنه قوت وزيادة قدرة على الصوم ففيه زيادة رفق وزيادة حياة إذ لولاه لكان نائماً والنوم موت واليقظة حياة‏.‏

- ‏(‏طب هب عن سلمان‏)‏ الفارسي قال الزين العراقي‏:‏ رجاله معروفون بالثقة إلا أبا عبد اللّه البصري وبقية رجاله ثقات وقال الديلمي‏:‏ وفي الباب أبو هريرة‏.‏

3203 - ‏(‏البركة في صغر القرص‏)‏ أي في تصغير أقراص الخبز ‏(‏وطول الرشاء‏)‏ أي الحبل الذي يسقى به الماء ‏(‏وقصر الجدول‏)‏ -البركة في ‏"‏قصر الجدول‏"‏ وصول الماء للزرع بلا هدر، أما الجدول الطويل فيتسرب الماء منه إلى الأرض تحته وحوله، ويجف بعضه‏.‏ دار الحديث- فعول النهر الصغير فالنهر القصير أعظم بركة وأكثر عائدة على الشجر والزرع من الطويل‏.‏

- ‏(‏أبو الشيخ ‏[‏ابن حبان‏]‏ ‏[‏ابن حبان‏]‏ في‏)‏ كتاب ‏(‏الثواب عن ابن عباس‏)‏ السلفي بكسر المهملة وفتح اللام الحافظ أبو طاهر أحمد بن أحمد بن إبراهيم بن سلفة الأصبهاني محدّث مكثر رحالة مرحول إليه ‏(‏في الطيوريات عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب قال ابن الجوزي‏:‏ قال النسائي‏:‏ هذا الحديث كذب وقال الحافظ ابن حجر نقل عن النسائي أن هذا كذب قال السخاوي‏:‏ وهو عند الديلمي بلا سند عن ‏[‏ص 220‏]‏ ابن عباس وكل ذلك باطل اهـ‏.‏ وما ذكره من أن الديلمي لم يسنده باطل بل قال‏:‏ أنبأنا بجير بن جعفر بن محمد الأبهري عن أبي إسحاق بن أبي حماد عن محمد بن يونس العبسي عن عبد اللّه بن حمزة عن محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن داود بن الحصين عن إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة الأشهلي عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعاً به وداود بن الحصين أورده الذهبي في الضعفاء وقال‏:‏ لينه أبو زرعة ورمي بالقدر وقال أبو حاتم‏:‏ لولا رواية مالك عنه لترك حديثه وابن أبي حبيبة وثقه أحمد وضعفه النسائي وابن أبي فديك مختلف فيه أيضاً‏.‏

3204 - ‏(‏البركة في المماسحة‏)‏ أي المصافحة في البيع كذا ذكروه ولا مانع من إعماله بإطلاقه ويكون المراد المصافحة حتى عند ملاقاة الإخوان ونحو ذلك‏.‏

- ‏(‏د في مراسيله عن محمد بن سعد‏)‏ بن منيع الهاشمي مولاهم البصري نزل بغداد كاتب الواقدي مات سنة ثلاثين ومئة عن اثنين وستين سنة‏.‏

3205 - ‏(‏البركة مع أكابركم‏)‏ المجربين للأمور المحافظين على تكثير الأجور فجالسوهم لتقتدوا برأيهم وتهتدوا بهديهم أو المراد من له منصب العلم وإن صغر سنه فيجب إجلالهم حفظاً لحرمة ما منحهم الحق سبحانه وتعالى وقال شارح الشهاب‏:‏ هذا حث على طلب البركة في الأمور والتبحبح في الحاجات بمراجعة الأكابر لما خصوا به من سبق الوجود وتجربة الأمور وسالف عبادة المعبود قال تعالى ‏{‏قال كبيرهم‏}‏ وكان في يد المصطفى صلى اللّه عليه وسلم سواك فأراد أن يعطيه بعض من حضر فقال جبريل عليه السلام‏:‏ كبر كبر فأعطاه الأكبر وقد يكون الكبير في العلم أو الدين فيقدم على من هو أسن منه‏.‏

- ‏(‏حب‏)‏ صححه ‏(‏حل ك هب‏)‏ وكذا البزار والطبراني كلهم ‏(‏عن ابن عباس‏)‏ قال الحاكم‏:‏ على شرط البخاري وقال الديلمي‏:‏ صحيح وقال البغدادي‏:‏ حسن لكن قال الهيثمي‏:‏ فيه نعيم بن حماد وثقه جمع وضعفه وبقية رجاله رجال الصحيح انتهى وصححه في الاقتراح قال الزركشي‏:‏ وفي صحته نظر وله علة ثم أطال في بيانها وقال‏:‏ لم يقف على هذه العلة تقي الدين فصححه قال‏:‏ لكن له شواهد منها خبر الصحيح كبر كبر أي يتكلم الأكبر‏.‏

3206 - ‏(‏البركة في أكابرنا‏)‏ أيها المؤمنون يحتمل أن المراد بالأكابر الأئمة ونوابهم كما يرشد إليه ‏(‏فمن لم يرحم صغيرنا ويجل كبيرنا‏)‏ أي يعظمه ‏(‏فليس منا‏)‏ أي على طريقتنا ولا عاملاً بهدينا وفيه كالذي قبله إيذان بأن الأمة تختل بعد نبيها بما فقد من نوره ومن وجوده معهم ولهذا قالوا‏:‏ ما نفضنا أيدينا من ترابه صلى اللّه عليه وسلم حتى أنكرنا قلوبنا‏.‏

- ‏(‏طب عن أبي أمامة‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه علي بن يزيد الألباني وهو ضعيف‏.‏

3207 - ‏(‏البزاق والمخاط والحيض والنعاس‏)‏ بعين مهملة كذا هو في نسخة المصنف بخطه فما في نسخ من أن اللفظ النفاس من تحريف النساخ أي طرو هذه المذكورات ‏(‏في الصلاة‏)‏ فرضها ونفلها ‏(‏من الشيطان‏)‏ يعني أنه يحب ذلك ويرضاه ويسر به لقطع الأخيرين للصلاة وللاشتغال بالأولين عن القراءة والذكر والخضوع والخشوع‏.‏

- ‏(‏ه‏)‏ من حديث عدي بن ثابت عن أبيه ‏(‏عن‏)‏ جده ‏(‏دينار‏)‏ قال مغلطاي‏:‏ هو ضعيف لضعف ثابت بن عدي وغيره‏.‏

3208 - ‏(‏البزاق في المسجد‏)‏ من المصلي وغيره ولو لحاجة ‏(‏سيئة‏)‏ أي حرام معاقب عليه لأنه تقذير للمسجد واستهانة به ‏[‏ص 221‏]‏ ‏(‏ودفنه‏)‏ في أرضه إن كانت ترابية أو رملية ‏(‏حسنة‏)‏ مكفرة لتلك السيئة وقوله في المسجد ظرف للفعل فلا يشترط كون الفاعل فيه فبصق من هو خارج المسجد فيه حرام قال ابن أبي جمرة‏:‏ ولم يقل تغطيته لأن التغطية يستمر الضرر بها إذ لا يأمن أن يقعد غيره عليها فيؤذيه بخلاف الدفن فإنه يفهم التعميق في باطن الأرض وخرج بالرملية والترابية المسجد المبلط والمرخم فدلكها فيه ليس دفناً بل زيادة تقذير قال القفال‏:‏ والحديث محمول على ما يخرج من الفم أو ينزل من الرأس أما ما يخرج من الصدر فينجس فلا يدفن بالمسجد قال ابن حجر‏:‏ وهذا على اختياره وينبغي التفصيل فيما لو خالط البصاق نحو دم فيحرم دفنه فيه وأما إذا لم يخالطه فيحل‏.‏

- ‏(‏حم طب عن أبي أمامة‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ رجال أحمد موثوقون‏.‏

3209 - ‏(‏البصاق في المسجد‏)‏ أي إلقاؤه في أرضه أو جدره أو أي جزء منه وإن كان الباصق خارجه ‏(‏خطيئة‏)‏ بالهمز فعيلة وربما أسقطت الهمزة وشدت الياء أى إثم ‏(‏وكفارتها‏)‏ أى إذا ارتكب تلك الخطيئة فكفارتها ‏(‏دفنها‏)‏ أي دفن عينها وهو البصاق في تراب المسجد إن كان وإلا تعين اخراجه منه كأن يأخذه بنحو عود ولم يقل تغطيتها لما مر وظاهره أنه خطيئة وإن أراد دفنه وتقييد عياض بما لو لم يرده رده النووي‏.‏

- ‏(‏ق 3‏)‏ في الصلاة ‏(‏عن أنس‏)‏ بن مالك‏.‏

3210 - ‏(‏البضع‏)‏ بكسر الباء وفتحها ‏(‏ما بين الثلاث‏)‏ من الآحاد ‏(‏إلى التسع‏)‏ منها قاله في تفسير قوله تعالى‏:‏ ‏{‏في بضع سنين‏}‏‏.‏

- ‏(‏طب وابن مردويه‏)‏ في تفسيره وكذا الديلمي ‏(‏عن نيار‏)‏ بكسر النون والفتح التحتية ‏(‏بن مكرم‏)‏ بضم الميم وسكون الكاف وفتح الراء الأسلمي له صحبة ورواية وهو أحد من دفن عثمان ليلاً وعاش إلى أول خلافة معاوية قال الهيثمي‏:‏ فيه إبراهيم بن عبد اللّه بن خالد المصيصي وهو متروك‏.‏

3211 - ‏(‏البطن‏)‏ أي الموت بداء البطن من نحو استسقاء وذات جنب ‏(‏والغرق‏)‏ أي الموت بالغرق في الماء مع عدم ترك التحرز ‏(‏شهادة‏)‏ أي الميت بهما من شهداء الآخرة‏.‏

- ‏(‏طس عن أبي هريرة‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ رجاله رجال الصحيح‏.‏

3212 - ‏(‏البطيخ‏)‏ أي أكله ‏(‏قبل‏)‏ أكل ‏(‏الطعام يغسل البطن‏)‏ أي المعدة والأمعاء وما هنالك ‏(‏غسلاً‏)‏ مصدر مؤكد للغسل ‏(‏ويذهب بالداء‏)‏ الذي بالبطن ‏(‏أصلاً‏)‏ أي مستأصلاً أي قاطعاً له من أصله والمراد الأصفر لأنه المعهود عندهم وقول ابن القيم‏:‏ المراد الأخضر قال الحافظ العراقي فيه نظر‏.‏

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في التاريخ ‏(‏عن بعض عمات النبي صلى اللّه عليه وسلم‏)‏ ورواه عنه الطبراني أيضاً وعنه ومن طريقه خرجه ابن عساكر ثم قال‏:‏ أخطأ فيه الطبراني في موضعين أحدهما أنه أسقط والده الفضل بن صالح بينه وبين أبي اليماني الثاني أنه صحف اسم جده قال بشير وإنما هو بشر اهـ‏.‏ وقال ابن عساكر‏:‏ ‏(‏شاذ‏)‏ -الشاذ ما خالف فيه الثقة غيره وتعذر الجمع بينهما والمخالفة بزيادة أو نقص في السند أو المتن وقيل ما انفرد به الراوي فقط- بل ‏(‏لا يصح‏)‏ أصلاً إذ فيه مع شذوذه أحمد بن يعقوب بن عبد الجبار الجرجاني قال البيهقي‏:‏ روى أحاديث موضوعة لا أستحل رواية شيء منها ومنها هذا الخبر وقال الحاكم‏:‏ أحمد هذا يضع الحديث كاشفته وفضحته اهـ‏.‏

‏[‏ص 222‏]‏ 3213 - ‏(‏البغايا‏)‏ جمع بغي بالتشديد وهي الباغية التي تبغي الرجال ‏(‏اللاتي ينكحن أنفسهن بغير بينة‏)‏ أي شهود فالنكاح بدونهم باطل عند الشافعي والحنفي ومن لم يشرط الشهود أوله بأنه أراد بالبينة ما به تبيين النكاح من الولي وكيفما كان هو شبهة فتسميتهن بالبغايا زجر وتغليظ‏.‏

- ‏(‏ت‏)‏ في النكاح ‏(‏عن ابن عباس‏)‏ وقال لم يرفعه غير عبد الأعلى ووقفه مرة والوقف أصح اهـ‏.‏ وقال الذهبي‏:‏ عبد الأعلى ثقة‏.‏

3214 - ‏(‏البقرة‏)‏ ومثلها الثور مجزأة ‏(‏عن سبعة‏)‏ في الأضاحي ‏(‏والجزور‏)‏ من الإبل خاصة يطلق على الذكر والأنثى من الجزر القطع مجزئ ‏(‏عن سبعة‏)‏ في الأضاحي قال ابن العربي‏:‏ قال بهذا الحديث جميع العلماء إلا مالك وليس لهذا تأويل ولا يرده القياس اهـ فيصح الاشتراك في النصيحة بكل من ذينك واجباً أو تطوعاً سواء كانوا كلهم متقربين أو أراد بعضهم القربة وبعضهم اللحم كما اقتضاه الإطلاق وبه قال الشافعي وأحمد وقال أبو حنيفة‏:‏ يجوز للمتقربين لا لغيرهم‏.‏

- ‏(‏حم د‏)‏ في الأضاحي ‏(‏عن جابر‏)‏ بن عبد اللّه وظاهره أنه لم يخرجه من الستة غيره وليس كما توهم بل خرَّجه مسلم في المناسك والنسائي وابن ماجه في الأضاحي عن جابر أيضاً ولفظهم البقرة عن سبعة والجزور عن سبعة وفي مسلم نحر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالحديبية البقرة عن سبعة والبدنة عن سبعة‏.‏

3215 - ‏(‏البقرة عن سبعة والجزور عن سبعة‏)‏ أي تجزئ كل واحدة منهما عن سبعة فلو ضحى ببقرة أو جزور كان الزائد على السبع تطوعاً يصرفه إلى أنواع التطوع إن شاء وقوله ‏(‏في الأضاحي‏)‏ بين بذلك أن الكلام في الأضحية وفي رواية للترمذي عن ابن عباس أن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم نحر البدنة عن عشرة والبقرة عن سبعة قاله إسحاق ولا أظن غيره وافقه‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن مسعود‏)‏ ومر غير مرة أن الحديث إذا كان في أحد الصحيحين ما يعزى لغيره فاقتصار المصنف على ذنيك من ضيق العطن وما أراه إلا ذهل عنه‏.‏

3216 - ‏(‏البكاء‏)‏ من غير صراخ ولا صياح ‏(‏من الرحمة‏)‏ أي رقة القلب ‏(‏والصراخ من الشيطان‏)‏ ولهذا بكى المصطفى صلى اللّه عليه وسلم عند موت ابنه إبراهيم بغير صوت وقال‏:‏ تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضي الرب وسن لأمته الحمد والاسترجاع والرضا‏.‏

- ‏(‏ابن سعد‏)‏ في الطبقات ‏(‏عن بكير‏)‏ بالتصغير ‏(‏ابن عبد اللّه بن الأشج‏)‏ بفتح المعجمة والجيم المدني ‏(‏مرسلاً‏)‏‏.‏

3217 - ‏(‏البلاء موكل بالقول‏)‏ قال الديلمي‏:‏ البلاء الامتحان والاختبار ويكون حسناً ويكون سيئاً واللّه يبلو عبده بالصنع الجميل ليمتحن شكره ويبلوه بما يكره ليمتحن صبره ومعنى الحديث أن العبد في سلامة ما سكت فإذا تكلم عرف ما عنده بمحنة النطق فيتعرض للخطر أو الظرف ولهذا قال المصطفى صلى اللّه عليه وسلم لمعاذ‏:‏ أنت في سلامة ما سكت فإذا تكلمت فلك أو عليك ويحتمل أن يريد التحذير من سرعة النطق بغير تثبت خوف بلاء لا يطيق دفعه وقد قيل اللسان ذئب الإنسان وما من شيء أحق بسجن من لسان قال حمدون القصار‏:‏ إذا رأيت سكران يتمايل فلا تبغ عليه فتبتلى بمثل ذلك‏.‏

- ‏(‏ابن أبي الدنيا‏)‏ أبو بكر القرشي ‏(‏في‏)‏ كتاب ‏(‏ذم الغيبة‏)‏ عن عبد اللّه بن أبي بدر عن يزيد بن هارون عن جرير بن حازم ‏(‏عن الحسن‏)‏ البصري ‏(‏مرسلاً عنه هب‏)‏ عن أبي عن الحسن ‏(‏عن أنس‏)‏ ثم قال أعني البيهقي تفرد به ‏[‏ص 223‏]‏ أبو جعفر بن أبي فاطمة المصري أي وهو ضعيف ورواه القضاعي أيضاً وقال‏:‏ بعض شراحه غريب جداً‏.‏

3218 - ‏(‏البلاء موكل بالقول ما قال عبد لشيء‏)‏ أي على شيء ‏(‏لا واللّه لا أفعله أبداً إلا ترك الشيطان كل عمل وولع بذلك منه حتى يؤثمه‏)‏ أي يوقعه في الإثم بإيقاعه في الحنث بفعل المحلوف عليه ولهذا قال إبراهيم النخعي‏:‏ إني لأجد نفسي تحدثني بالشيء فما يمنعني أن أتكلم به إلا مخافة أن أبتلى به‏.‏

- ‏(‏هب خط عن أبي الدرداء‏)‏ وفيه هشام بن عمار قال أبو حاتم‏:‏ صدوق وقد تغير فكان كلما لقن يتلقن وقال أبو داود‏:‏ حدث بأرجح من أربع مئة حديث لا أصل لها وفيه محمد بن عيسى بن سميع الدمشقي قال أبو حاتم‏:‏ لا يحتج به وقال ابن عدي‏:‏ لا بأس به وفيه محمد بن أبي الزعزعة وهما اثنان أحدهما كذاب والآخر مجروح ذكرهما ابن حبان وأوردهما الذهبي في الضعفاء قال الزركشي‏:‏ لكن يقويه ما رواه الفقيه ابن لال في المكارم من حديث ابن عباس بلفظ ‏"‏ما من طامة إلا وفوقها طامة والبلاء موكل بالمنطق‏"‏‏.‏

3219 - ‏(‏البلاء موكل بالمنطق‏)‏ زاد ابن أبي شيبة في روايته عن ابن مسعود ولو سخرت من كلب لخشيت أن أحول كلباً وفي تاريخ الخطيب‏:‏ اجتمع الكسائي واليزيدي عند الرشيد فقدموا الكسائي يصلي جهرية فأرتج عليه في قراءة الكافرون فقال اليزيدي‏:‏ قارئ الكوفة يرتج عليه في هذه‏؟‏ فحضرت جهرية أخرى فقام اليزيدي فأرتج عليه في الفاتحة فقال الكسائي‏:‏

احفظ لسانك لا تقول فتبتلى * إن البلاء موكل بالمنطق

- ‏(‏القضاعي‏)‏ في مسند الشهاب ‏(‏عن حذيفة‏)‏ بن اليمان ‏(‏وابن السمعاني‏)‏ في تاريخه ‏(‏عن علي‏)‏ أمير المؤمنين ظاهر كلام المصنف أنه لم يره مخرجاً لأعلى منهما وهو عجيب فقد خرجه البخاري في الأدب من حديث ابن مسعود وكذا ابن أبي شيبة وغيرهما‏.‏

3220 - ‏(‏البلاء موكل بالمنطق فلو أن رجلاً عير رجلاً برضاع كلبة لرضعها‏)‏ وعليه أنشدوا‏:‏

لا تنطقن بما كرهت فربما * نطق اللسان بحادث فيكون

وقال آخر‏:‏

لا تمزحن بما كرهت فربما * ضرب المزاح عليك بالتحقيق

- ‏(‏خط‏)‏ في ترجمة نصر الخراساني ‏(‏عن ابن مسعود‏)‏ وقضية كلام المصنف أن الخطيب خرجه وسكت عليه وليس كذلك فإنه أورده في ترجمة نصر المذكور ونقل عن جمع أنه كذاب خبيث اهـ وفيه أيضاً عاصم بن ضمرة قال الذهبي‏:‏ عن ابن عدي يحدث بأحاديث باطلة اهـ ومن ثم حكم ابن الجوزي بوضعه‏.‏

3221 - ‏(‏البلاد بلاد اللّه والعباد عباد اللّه فحيثما أصبت خيراً فأقم‏)‏ وهذا معنى قوله‏:‏ ‏{‏يا عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة فإياي فاعبدون‏}‏ وظاهره أنه لا فضل للزوم الوطن والإقامة به على الإقامة بغيره لكن الأولى بالمريد أن يلازم مكانه إذا لم يكن قصده من السفر استفادة علم مهما سلم له حاله في وطنه وإلا فليطلب موضعاً أقرب إلى الخمول وأسلم للدين وأفرغ للقلب وأيسر للعبادة فهو أفضل اهـ وجرى على نحوه في الكشاف فقال‏:‏ معنى الآية أنه إذا لم يتسهل له العبادة في بلد هو فيه ولم يتمشى أمر دينه كما يجب فليهاجر لبلد آخر يقدر أنه فيه أسلم قلباً وأصح ديناً وأكثر عبادة وأحسن خشوعاً قال‏:‏ وقد جربنا فلم نجد أعون على ذلك من مكة‏.‏ ‏(‏نكتة‏)‏ قال ابن الربيع‏:‏ قال سفيان‏:‏ ما أدري أي البلاد أسكن قيل له‏:‏ ‏[‏ص 224‏]‏ خراسان قال‏:‏ مذاهب مختلفة وآراء فاسدة قيل‏:‏ فالشام قال‏:‏ يشار إليك بالأصابع قيل‏:‏ فالعراق قال‏:‏ بلد الجبابرة قيل‏:‏ فمكة قال‏:‏ تذيب الكبد والبدن‏.‏

- ‏(‏حم‏)‏ من حديث أبي يحيى مولى آل الزبير ‏(‏عن الزبير‏)‏ بن العوام قال الحافظ العراقي‏:‏ وسنده ضعيف وقال تلميذه الهيثمي‏:‏ فيه جماعة لم أعرفهم وتبعه السخاوي وغيره ورواه الدارقطني عن عائشة وفيه أحمد بن عبيد بن ناصح له مناكير وزمعة ضعفوه‏.‏

3222 - ‏(‏البيت الذي يقرأ فيه القرآن يتراءى لأهل السماء كما تتراءى النجوم لأهل الأرض‏)‏ أي أن قراءة القرآن بإخلاص وحضور قلب وفي رواية البيت الذي يذكر فيه اللّه لينير لأهل السماء كما تنير النجوم لأهل الأرض‏.‏

- ‏(‏هب عن عائشة‏)‏

3223 - ‏(‏البيعان‏)‏ بتشديد الياء أي المتبايعان يعني البائع والمشتري فالمتبايعان متفاعلان في البيع فكل منهما باع ماله بمال الآخر فلا حاجو لدعوى التغليب وأكثر الروايات المتبايعان قال أبو زرعة‏:‏ ولم يرد في شيء من طرقه البائعان فيما أعلم وإن كان استعمال لفظ البائع أغلب ‏(‏بالخيار‏)‏ في فسخ البيع او إمضائه عند الشافعي والباء في بالخيار متعلقة بمحذوف تقديره معاملان بالخيار قال في المنضد‏:‏ ولا يجوز تعلقها بالبيعان إذ لو علقت بما في المتبايعين من معنى الفعل كان الخيار مشروطاً بينهما في العقد وليس مراداً بدليل زيادته في رواية إلا بيع الخيار وإنما الفرض إذا تعاقد البيع كان لهما خيار فالباء للملابسة ‏(‏ما لم‏)‏ وفي رواية حتى ‏(‏يتفرقا‏)‏ بأبدانهما عن محلهما الذي تبايعا فيه قال القاضي‏:‏ المفهوم من التفرق‏:‏ التفرق بالأبدان وعليه إطباق أهل اللغة وإنما سمي الطلاق تفرقاً في ‏{‏وإن يتفرقا‏}‏ لأنه يوجب تفرقهما بالأبدان ومن نفى خيار المجلس أول التفرق بالقول وهو الفراغ من العقد وحمل المتبايعين على المتساويين لأنهما بصدد البيع فارتكب مخالفة الظاهر من وجهين بلا مانع يعوق عليه مع أن الحديث رواه البخاري بعبارة تأبى قبول هذا التأويل ‏(‏فإن صدقا‏)‏ يعني صدق كل منهما فيما يتعلق به من ثمن ومثمن وصفة مبيع وغير ذلك ‏(‏وبينا‏)‏ ما يحتاج لبيانه من نحو عيب وإخبار بثمن وغير ذلك من كل ما كتمه غش وخيانة ‏(‏بورك لهما‏)‏ أي أعطاهما اللّه الزيادة والنمو ‏(‏في بيعهما‏)‏ أي في صفقتهما وفي رواية للشافعي‏:‏ وجبت البركة فيهما وقال الرافعي‏:‏ فالأول جعل البركة مفعولة والثاني فاعلة ‏(‏وإن كتما‏)‏ شيئاً مما يجب الإخبار به شرعاً ‏(‏وكذبا‏)‏ في نحو صفات الثمن والمثمن ‏(‏محقت‏)‏ ذهبت واضمحلت ‏(‏بركة بيعهما‏)‏ أتى به لقصد الإزدواج بين النماء والمحق قيل‏:‏ هذا يختص بمن وقع منه التدليس، وقيل عامّ فيعود شؤم أحدهما على الآخر-‏[‏والأوجه القول الأول لأن شرط محق بركة الإثنين في الحديث هو صدور المخالفة من الإثنين بنص قوله ‏"‏وإن كتما وكذبا‏"‏، فعندها تمحق بركة بيع الإثنين‏.‏ أما إذا صدرت المخالفة من أحدهما فقط، فيعود محق البركة عليه وحده لا على الآخر، لقوله تعالى ‏{‏‏.‏‏.‏‏.‏ألا تزر وازرة وزر أخرى‏}‏، ولأن هذا الحال - غش أحدهما - خارج عن نص الحديث أصلا كما مر‏.‏ أما الذي لم يغش، فمع أن هذا الحديث لم يصرح بالوعد له بالبركة، غير أنه تعود عليه البركة بتوكله على الله في صدقه وإخلاصه‏.‏ فحسبنا الله ونعم الوكيل، والحمد لله رب العالمين‏.‏ دار الحديث‏]‏- قال في المنضد‏:‏ وهذه جملة أخرى مما يؤمر به في البيع لا تتعلق بقول البيعان إلخ‏.‏

- ‏(‏حم ق 3‏)‏ في البيوع ‏(‏عن حكيم بن حزام‏)‏‏.‏

3224 - ‏(‏البيعان‏)‏ تثنية بيع قال الزمخشري‏:‏ فيعل من باع بمعنى اشترى كلين من لان اهـ‏.‏ وقد اتفق أهل اللغة على أن بعت واشتريت من الألفاظ المشتركة وتسميها حروف الأضداد ويقال في الشيء مبيع ومبيوع كمخيط ومخيوط قال الخليل‏:‏ المحذوف من مبيع واو مفعول لأنها زائدة فهي أولى بالحذف وقال الأخفش‏:‏ بل عين الكلمة قال الأزهري‏:‏ وكلاهما صحيح ‏(‏إذا اختلفا في البيع‏)‏ أي في صفة من صفاته بعد الاتفاق على الأصل ولا بينة أو أقام كل منهما بينة ‏(‏ترادّا البيع‏)‏ أي بعد التحالف فيحلف كل منهما على إثبات قوله ونفي قول صاحبه ثم يفسخ أحدهما العقد أو الحاكم ويرد المشتري المبلغ والبائع الثمن إن كان باقياً فإن كان تالفاً فبدله عند الشافعي وقال أبو حنيفة‏:‏ يتحالفان إن كانت السلعة باقية فإن ‏[‏ص 225‏]‏ تلفت فالقول للمبتاع وعن مالك روايتان كالمذهبين‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن مسعود‏)‏ وسببه أن ابن مسعود باع سبياً من مسبي للأشعث بن قيس بعشرين ألفاً فجاءه بعشرة فقال‏:‏ ما بعت إلا بعشرين فقال‏:‏ إن شئت حدثتك عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم قال‏:‏ أجل فذكره‏.‏

3225 - ‏(‏البينة على المدّعي‏)‏ وهو من يخالف قوله الظاهر أو من لو سكت لخلى ‏(‏واليمين على المدعى عليه‏)‏ وهو من يوافق قوله الظاهر أو من لو سكت لم يترك لأن جانب المدعي ضعيف فكلف حجة قوية وهي البينة وجانب المدعى عليه قوي فقنع منه بحجة ضعيفة وهي اليمين إلا في مسائل مفصلة في الفروع‏.‏ قال ابن العربي‏:‏ وهذا الحديث من قواعد الشريعة التي ليس فيها خلاف وإنما الخلاف في تفاصيل الوقائع والبينة في الأصل ما يظهر برهانه في الطبع والعلم والعقل بحيث لا مندوحة عن شهود وجوده ذكره الحرالي، وقال القاضي‏:‏ هي الدلالة الواضحة التي تفصل الحق من الباطل‏.‏

- ‏(‏ت‏)‏ في الأحكام ‏(‏عن ابن عمرو‏)‏ وهي رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال ابن حجر‏:‏ وإسناده ضعيف وفي الباب ابن عباس وابن عمر وغيرهما‏.‏

3226 - ‏(‏البينة على المدّعي‏)‏ وفي رواية على من ادّعى ‏(‏واليمين على من أنكر‏)‏ ما ادّعى عليه به ‏(‏إلا في القسامة‏)‏ فإن الأيمان فيها في جانب المدعي وبه أخذ الأئمة الثلاثة وخالف أبو حنيفة فأجراه على القاعدة وألحق الشافعية بالقسامة دعوى قيمة المتلفات وغير ذلك مما هو مبين في كتب الفقه وعلم مما تقرّر أن هذا الحديث مخصص للحديث المتقدم وحكمته أن القتل إنما يكون غيلة وعلى ستر فبدئ فيه بأيمان المدعي لإيجاب الدية عند الشافعية والقتل عند المالكية الرادع للمتعدي والصائن للدماء الحاقن لها‏.‏

- ‏(‏هق وابن عساكر‏)‏ في التاريخ ‏(‏عن ابن عمرو‏)‏ بن العاص وفيه مسلم الزنجي قال في الميزان‏:‏ عن البخاري منكر الحديث وضعفه أبو حاتم وقال أبو داود‏:‏ لا يحتج به ثم أورد له أخباراً هذا منها ورواه الدارقطني باللفظ من طريقين وفيهما الزنجي المذكور وقال ابن حجر في تخريج المختصر خرّجه أيضاً البيهقي وعبد الرزاق وهو حديث غريب معلول‏.‏